أخبار

«الفيدرالي» يُمدد ترقّب الأسواق… وغموض التجارة يدفع نحو الملاذات الآمنة

في حين لا يزال المستثمرون يكافحون من أجل فهم التداعيات الاقتصادية المحتملة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فإنهم يواجهون في الوقت نفسه حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن اتجاه السياسة النقدية، في ضوء المشهد التجاري المضطرب.

فقد أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، الأربعاء، كما كان متوقعاً، محذّراً من ارتفاع في مخاطر التضخم والبطالة؛ ما جعله غير مستعجل لاتخاذ خطوات فورية، وترك «الاستجابة المناسبة» للسياسة النقدية غير واضحة، وفق «رويترز».

ورغم أن البيانات الاقتصادية لم تُظهر بعد علامات واضحة على التباطؤ، فإن المستثمرين يتحضرون لاحتمال تعرض النمو لأضرار بفعل الرسوم الجمركية الواسعة التي تفرضها إدارة ترمب، في حين لا تزال المفاوضات التجارية مع الشركاء في حالة تغير مستمر. هذا الوضع يدفع بعض المستثمرين إلى توخي الحذر، من خلال التركيز على الأصول المحمية من التضخم، وأسهم الشركات ذات القدرة الأكبر على الصمود في وجه التباطؤ الاقتصادي.

وبينما يلتزم «الفيدرالي» جانب الحذر، يرى المستثمرون أن أسعار الأصول باتت أكثر حساسية من أي وقت مضى للبيانات الاقتصادية الرئيسة وتطورات التجارة؛ إذ يبحث المتعاملون في الأسواق عن أي مؤشرات يمكن أن ترشدهم إلى الخطوة التالية لـ«الفيدرالي».

وقال جوش جامنر، كبير محللي استراتيجية الاستثمار في شركة «كليربريدغ إنفستمنتس»: «لا شيء يزعج المستثمرين أكثر من الغموض، و(الفيدرالي) ليس في موقع يمكّنه من منحهم اليقين».

وفي مؤتمر صحافي بعد إعلان القرار، قال رئيس «الفيدرالي» جيروم باول إن سياسة التجارة تظل مصدراً لعدم اليقين؛ ما يعزز حاجة البنك المركزي إلى نهج «الانتظار والترقب».

وعلق روبرت كريستيان، رئيس إدارة المحافظ المطلقة في «فرانكلين تمبلتون إنفستمنت سوليوشنز»، قائلاً: «باول مثل باقي المستثمرين… ينتظر فقط ليرى كيف ستتطور الأمور».

ورغم أن «الفيدرالي» خفّض معدلات الفائدة بمقدار نقطة مئوية خلال العام الماضي، فإنه أبقاها منذ بداية 2025 في نطاق 4.25 في المائة إلى 4.5 في المائة. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يتوقعون المزيد من التيسير النقدي هذا العام.

تُظهر العقود الآجلة لمعدلات الفائدة أن الأسواق تتوقع ثلاثة تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس بحلول ديسمبر (كانون الأول)، على أن يكون أول خفض مرجحاً في يوليو (تموز).

وترى مارتا نورتون، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في شركة «إمباور» لخدمات التقاعد والثروات، أن هذه التوقعات مستندة إلى الاعتقاد بأن تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي سيفوق أي ارتفاع محتمل في التضخم. لكنها حذَّرت من أن «التضخم قد يفاجئ الجميع من حيث الاتجاه الصعودي».

وقال إد الحُسيني، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في «كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس»، إن من المرجح ألا يتحرك «الفيدرالي» قبل اجتماعه في سبتمبر (أيلول)، موضحاً: «نحتاج إلى تدهور كبير ليدفع (الفيدرالي) إلى التحرك قبل سبتمبر. وبحلول ذلك الوقت، سيكون لدينا على الأقل فكرة أوضح عن الاتجاه العام».

وفي الواقع، خفّض المتداولون من رهاناتهم على حجم التيسير المتوقع هذا العام، واستبعدوا تقريباً حدوث خفض في يونيو (حزيران)، خصوصاً بعد تقرير الوظائف القوي الصادر الجمعة الماضي، الذي أظهر إضافة 177 ألف وظيفة – أعلى من التوقعات.

وعلاوة على الغموض المحيط بالتجارة والسياسة النقدية، هناك حالة من عدم اليقين بشأن السياسة المالية أيضاً، بما في ذلك كيفية تطور مداولات الميزانية الفيدرالية، بحسب جيفري بالما، رئيس حلول الأصول المتعددة في «كوهن آند ستيرز»، الذي أضاف: «كل ذلك يشير إلى أن تقلبات السوق ستبقى مرتفعة إلى حد ما في المستقبل المنظور».

ورغم هذه الأجواء، تعاملت الأسواق مع إعلان «الفيدرالي» بهدوء؛ إذ أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً بنسبة 0.4 في المائة بعد إعلان القرار، مدعوماً بمكاسب في أسهم شركات الرقائق الإلكترونية، على خلفية تقارير عن خطط إدارة ترمب للتراجع عن قيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي. أما عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات فبلغ 4.27 في المائة، منخفضاً قليلاً خلال اليوم.

وانخفض مؤشر تقلبات السوق CBOE (مقياس قلق المستثمرين) قليلاً، لكنه ظل عند 23.55 – وهو أعلى من المتوسط التاريخي البالغ 17.6.

المستثمرون يبحثون عن ملاذات أكثر أماناً

أوصى بالما بزيادة تنويع المحافظ الاستثمارية، وتضمين أصول حقيقية مثل العقارات والبنية التحتية والموارد الطبيعية، التي يمكن أن توفر حماية ضد التضخم.

وأشار جامنر إلى أن الوضع الحالي يفرض على المستثمرين التحول إلى أسهم الشركات التي تمتلك المرونة للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية، أو تتمتع بميزة تنافسية تحصّنها من تقلبات الاقتصاد.

أما المستشارون الماليون – الذين يعملون منذ أشهر على إعادة توازن المحافظ وتقليل المخاطر – فقد أكدوا أن عدم تقديم باول توقعات محددة كان متوقعاً.

وبعد الاجتماع، قالت رافيا حسن، الرئيسة التنفيذية للاستثمار في «بيريغون ويلث مانجمنت»: «سأحول تركيزي الآن إلى صفقات التجارة المحتملة. هذا هو ما قد يكون له التأثير الأكبر على الأسواق».

المصدر: الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

إغلاق